بعد الأحداث الطائفية التي وقعت بقرية كفر درويش التابعة لمركز الفشن جنوب محافظة بني سويف بشهر، و بالتحديد في شهر يوليو/تموز 2015، تم لقاء صحفي بين القمص هاتور عبد الله، راعي كنيسة السيدة العذراء بالقرية و بيني بصفتي نائب رئيس مركز تقارب العرب و الغرب. كان برفقتي الباحث الأمريكي ماثيو أندرسون. و قد تقدم مشكورا الأب الكاهن يؤانس راعي كنيسة قرية قفادة المجاورة لكفر درويش بتنسيق هذا الحوار. يتم نشر هذا الحوار بموافقة الأب هاتور عبد الله.
اقترح كل من الأب هاتور و الأب يؤانس بإجراء الحوار في قرية الفنت المجاورة لكفر درويش من أجل عدم إثارة إشاعات مغلوطة عن تواجد ضيفين أجنبيين استجابة لنداء موجه من أقباط القرية نتيجة للأحداث الطائفية. معظم الأسئلة المطروحة خلال اللقاء ألقاها خالد حسن الذي كان يعمل وقتها مع مركز تقارب العرب و الغرب و كان مرافق لنا.
اليوم، و بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ اللقاء، يتقدم المركز بنشر تفاصيله ، بعد التأكد من عودة السلام بين مسيحيي و مسلمي قرية كفر درويش تماما، خاصة بعد خبر عودة الأسر المسيحية إلى القرية بعد تهجيرها فور وقوع الأحداث الطائفية في 2015. و قد تم حذف بعض الأسماء نظرا لحساسية هذا الموضوع. ترجم هذا الحوار إلى اللغة الإنجليزية السيدة جان رزق الله التي قامت أيضا بتفريغ الشريط التسجيلي باللغة العربية.
نبذة تاريخية قبل وقوع أحداث 2015 بقرية كفر درويش:
تم بناء الكنيسة بدون ترخيص في عام 1971 حتى يستطيع مسيحيو القرية الصلاة والاحتفال بقداس أيام الأحد بقريتهم، بعد معاناتهم التي كانوا يواجهونها خلال الذهاب والإياب إلى أقرب كنيسة لهم بقرية الفنت و التي تبعد عنهم بمسافة 2 كيلومتر. و بحسب القمص هاتور لم يكن هناك قانون يتطلب ترخيص ببناء الكنيسة في ذلك الوقت، و لكن يتم بناء الكنيسة على أساس "الاتفاق الودي". ليس لدي معلومات عن ما كان شكل الكنيسة في عام 1971، و الذي، كما يبدو، لم يعترض عليه مسلمو القرية وقتها. جدير بالذكر أن قرية كفر درويش كانت تحت رعاية الأنبا أثناسيوس الأول مطران بني سويف و بهنسا و توابعها. تنيح الأنبا أثناسيوس الأول في عام 2000، و كان وديعا يحترم مشاعر الأخوة المسلمين و يأخذها بالاعتبار و ربما لذلك تم بناء 60 كنيسة في عصره دون مشاكل و قد حرص على ألا يكون الشكل الخارجي للكنيسة مبالغ فيه، مثلا المبالغة في ظهور القبة يعلوها الصليب بشكل قد يثير مشاعر الأغلبية المسلمة ببعض القرى.
تم رسامة الأب الكاهن هاتور بشرى في نوفمبر/تشرين الثاني 1993 ليصبح أول كاهن يرعى الكنيسة المشيدة في كفر درويش. و بسبب قدم المبنى و صغره، تقدم الأب الكاهن هاتور بطلب إضافة طابق ثاني لمبنى الكنيسة في أواخر عام 1990، و قد تم الموافقة بقرار رئاسي في عام 2001. يقول الأب الكاهن هاتور أن بعد الانتهاء من الطابق الأول، تدخلت الجهات المعنية لتمنع أعمال البناء الطابق الثاني على الرغم من معاينة المكان و موافقة الإدارة الهندسية المحلية على الرسومات المقدمة. السؤال هنا: هل يشمل القرار الرئاسي بناء طابق ثاني للكنيسة؟ فضلا عن الجهود المضنية لسير إجراءات البناء، و لا نستطيع البت هنا في أسباب توقف عملية البناء و عن ما إذا كان القرار الرئاسي يسمح ببناء طابق واحد أم طابقين.
و مع ذلك، ربما كان الصراع الطائفي لأكثر من عشرين عاما حتى الأحداث الأخيرة في يونيه/حزيران عام 2015 – شهر قبل هذا الحوار الصحفي – نتيجة لوجود مبنى كنسي اعترض عليه بعض المتشددين سكان القرية، و على الرغم من الجهود التي يبذلها الكاهن الراعي إلا انه لم يتمكن من بناء علاقات ودية مع جميع مسلمي القرية منذ رسامته راعيا للكنيسة، بالتالي إلى الحد من أعمال التخريب التي كانت تتكرر في العقدين الماضيين ، و انتهت أخيرا برجوع الأسر القبطية من المهجر الذي فرض عليهم.
ربما يفتقد الأب الكاهن هاتور بعض "الديبلوماسية" كما يقول الأب يؤنس، و خاصة في تعامله مع قضية الشاب القبطي أيمن يوسف و تصاعد الأزمة بعد أن نشر على حسابه على "فيسبوك" مواد وجهت بسببها تهمة إزدراء الدين الإسلامي،إلا انه يجب علينا أيضا أن نتفهم أن الأغلبية المسلمة في القرى المصرية سوف تحتاج أن تألف وجود كنائس جديدة بعد صدور القانون الذي يسمح ببناءها و ترميمها.
لقد مرت ثلاث سنوات منذ إجراء هذا الحوار، و هو لم يفقد أهميته في تفهم و تحليل ديناميكية القرى المصرية. و أتقدم هنا بخالص الشكر للأستاذة جان رزق الله التي قامت أولا بتفريغ شريط تسجيل النص العربي ثم ترجمته إلى اللغة الإنجليزية.
توقيع
كورنيلس هولسمان